Saturday, March 2, 2013

مقهى السعادة ،،،، (١١) ،،،


تيد: كيف حالكِ يا ليلى؟
ليلى: أنا بخير يا تيد، هل تشارك في الفعاليات؟
تيد: ليس تماماً، أنا أساعدهم في أعمال الكهرباء والإضاءة، مقابل مبالغ مالية بسيطة
ليلى: هذا جيد!  … 
تيد: تبدين جميلة اليوم … 
ليلى: ممممم ... شكراً! ....

لم يكن رد تيد سبب ارتفاع حرارة وجنتيّ، فإطراء مثل هذا يعتبر كتحية عابرة هنا!، ولكن ما أخجلني هو وجود أحمد بجانبي، والذي كان بدوره ينظر إلينا وهو مقطبٌ حاجبيه دون أن يتحدث.

تيد: هل أنتي مشغولة اليوم؟
ليلى: لدي بعض المخططات، ولكن ليست بتلك الأهمية، لماذا؟
تيد: هل تتناولين كوباً من القهوة معي؟

أحمد (بتهكم): يا حافظ! يعزمها بعد!!! .... 

ابتسمت ولم ألتفت إليه، أتظاهر بعدم سماعي لما قاله، كنت أنظر لتيد وهو يبتسم لي بتفاؤل، وينتظر ردي الذي كان (شكرا تيد، ربما مرة أخرى، في مقهى السعادة)، نظر إلي تيد وهو يحاول  أن يضحك: (لم أتوقع سوى الرفض، ولكن سأعتبر هذا وعداً)، ابتسمت وأنا أنظر إلى تيد، ولكن قبل أن نكمل الحوار، وجه أحمد الحديث لتيد قائلاً: (أعذرني، نحن مشغولون الآن) ثم التفت إليّ بنظرة مبهمة تماماً وقال: (هيا بنا، لدينا الكثير من العمل لننهيه)، لم أعرف ما هو العمل الذي يجب أن ننهيه! .. ولكني لم أمانع أن أترك تيد لأمضي بعضاً من الوقت مع أحمد! ... 

أحمد وهو يمشي أمامي: يعني وايد عايبنج هالحَمَر؟
ليلى: رجاءً تحدث بلغة إنجليزية ... 
أحمد دون أن يلتفت: مابرمس انجليزي ولا شي ،،،
ليلى: إذاً لن أرد عليك!! ... 
أحمد: لا تردين، المهم تعالي براويج شو سوينا اليوم فالسكشن مالنا
ليلى: ....... ...... .......
أحمد: السفارة طرشت لنا أشياء عن الامارات، وفي اشياء يتنا من الدولة، ماقصروا الشباب هناك طرشولنا وايد أغراض ....
ليلى: ...... ..... .......
أحمد: بتين باجر صح؟ .... بتخبرج أنا أرمس منوه؟ 

إلتفت أحمد وراءه فوجدني أمسك بهاتفي وأمشي خلفه دون أن أعيره أي اهتمام، فاشتاط غضباً مرة واحدة وتحدث باللغة الانجليزية (أنا أتحدث معكِِ!!) .... رفعت رأسي وابتسمت له: (حقاً؟ ... ما الذي كنت تقوله؟) .... فرد علي مرة أخرى: (سلامة راسج) ...

وصلنا إلى القسم الإماراتي، لم أقترب كثيراً فقد كان هناك أكثر من شاب يعملون، منهم من يرتب طاولة التقديم، ومنهم من يعلق بعض اللوحات، وآخر يقف يعطي التعليمات، انقسم المكان إلى قسمين، قسم تراثي بحت، وقسم متطور إلى أقصى حد، ابتسمت وأنا أرى برج خليفه وقصر الإمارات، وعلى الجانب الآخر صور نساء كبيرات السن يعملن "بالتلي" و"الخوص" وبعض "البراقع" معلقه وأخرى غلفت كهدايا، وصور لرحلات بحرية وصيد اللؤلؤ، كان ينقص هذا القسم فقط بعض الأهازيج ورائحة القهوة! ...

ليلى: .... أحب الإمارات ....
أحمد: ما رأيك؟ 
ليلى: أحببت المكان كثيراً، اشتقت للدولة! 
أحمد: اختلف الشباب بين الماضي والحاضر وانتهينا بهذا الحل ...
ليلى: جميل أن نرى تراثنا وحضارتنا وتطور الدولة في نيويورك ...
أحمد: ها بتين باجر؟
ليلى: نعم؟
أحمد: يا من شراله من حلاله عله .... (وبالانجليزية): هل ستأتين غداً؟
ليلى: ان شاء الله ... يجب أن أذهب الآن ...
أحمد: أليس الوقت مبكراً للرحيل؟
ليلى: سأذهب لجي-سان وإيليشيا، ثم سأذهب للتسوق، سأسافر قريباً 
أحمد: متى؟
ليلى: الأسبوع القادم ،،، ان شاء الله ...  أحمد؟؟
أحمد: لبيه ... أقصد: نعم؟ 

نظرت إلى الأسفل، بالأحرى إلى حقيبتي، وأخرجت الكعك وفاصل الكتب، كانت دقات قلبي تنبض بشدة، هذه أول مرة أهدي أحداً وبالأخص "شاباً"، لم أكن أعرف كيف سيتقبلها ولم أعرف ماذا سأقول ... أغمضت عينيّ بشدة ومددت يديّ الاثنتين نحوه لأقدم له هديتي المتواضعه ... ولم أفتحهما إلا بعد أن شعرت بأن الثقل خف عن يديّ ... وهمست (مشكور) .... !! 

ابتسم أحمد وهو يتفحص فاصل الكتب والكعك وقال: (لي أنا؟) ... (نعم) ... (شكراً جزيلاً!!) ... كنت مترددة جداً وأشعر بالخجل، كنت أتمنى أن تأتي جي سان الآن لينتهي هذا الفصل من القصة! ... تتحرك عيناي بعشوائية  لأتأكد إن قد رآنا أحد والسبب الأهم، لكي لا أنظر إليه .... (شكرا، هل هناك مناسبة) ... (مممم، كلا، اعتبرها هدية شكر عن ذلك اليوم) ... (أي يوم؟) ... (أحمد، ذلك اليوم) ... (أي يوم؟ أخبريني؟) .... (عندما ساعدتني) ....

وكعادتي عندما أشعر بالتوتر، أتلعثم بالكلام كثيراً ... (ممم أتمنى أن يعجبك فاصل الكتب، لا أعرف إن كنت تحب القراءة، فقد أعجبني وتذكرتك ... الكعك .. نعم الكعك أيضاً من عند جدتي، لذيذ جداً وأحب تزيينه، هي تخبزه كل صباح وبعد العصر أيضاً ... هل تحب الكعك؟ ... يبدو أنني لبست الكثير من الثياب فإن الجو ليس بارداً كما يبدو ... ما رأيك؟) 

كان ينظر إليَ أحمد وهو مبتسم أما أنا فقد كنت أرمش كثيراً بعينيّ وألتفت كثيراً، كنت أشبك أصابعي تارة، وأضبط غطاء شعري تارة أخرى، أما هو فكان ينظر إليّ دون أن يرد، في الحقيقة كنت أتحدث بسرعة فائقة ولم أعطه الفرصة بأن يرد عليّ، وعندما أتنتهيت رفعت رأسي منتظرة ردة فعله! ... 

أحمد: هناك ماكينة قهوة في الخارج، لا استطيع تناول الكعك بدون قهوة ...
ليلى: ...... !

لم ينتظر ردي كان يمشي وأنا أتبعه كالعادة! ... لم يطلب مني أن اتبعه! .. لا أعرف كيف استطاع شخص ما أن يتحكم بمشاعري هكذا، كنت أنظر إليه ... طويل، طويل جداً ... لا يحق لي أن أتبعه ولكنني أفعل ... أنيق .. هذه الأناقة تناسبني ... متعلم ... وهذا العلم يناسبني ... وسيم ... بالنسبة إلىّ هو وسيم ... وهذا القدر من الوسامة ... يناسبني ... وددت للحظة أن أمسك بملابسه من الخلف، ولذلك أحكمت القبضة على هاتفي لأبعد هذه الأفكار، مررنا بالقسم الهندي، فلوحت لإيليشيا بهاتفي ... فنظرت إليّ بعينيها الجميلتين وكأنها تلقت صفعه على وجهها! ... أشرت لها من خلف أحمد بأن تراسلني ،،، وأكملت الطريق ... 

وقبل أن نخرج وصلتني رسالة نصية من إيليشيا (من أنتي؟) ... لم أتماسك نفسي فضحكت وأنا أرد عليها (حقيقةً لا أعرف!) .... (إلى أين أنتي ذاهبة؟) .... (إلى ماكينة القهوة) ... (وماذا أيضاً؟) ... (إيليشيا ... هههههه لن أخبرك) .... أنا أعرف أن هذا الفضول سيقتل صديقتي الصغيرة، وأعرف تماماً أنني يجب أن أجهز ردوداً ديبلوماسية لأسئلتها التي ستمطرني بها لاحقاً .... فأرسلت (لو لم أكن مشغولة الآن للحقت بكما، ولكن لا بأس .... سأنتظر التقرير) ...

هنا اصطدمت بظهر أحمد بقوة فوقع هاتفي، فالتقطه أحمد وناولني إياه بينما كنت أضع يدي على وجهي، لم أنتبه أننا وصلنا لماكينة القهوة ولم أنتبه أنه توقف فجأه لانشغالي بمراسلة إيليشيا ... كنت أضع يدي على وجهي متظاهرة بالألم .. ولكن في الحقيقة الألم الذي كنت أشعر به هو ألم نفسي جعلني أشعر بعشرة كيلوغرامات من الإحراج ... وددت لوهلة أن أبدأ في البكاء، نعم! نحن الفتيات هكذا، عندما نشعر بالحرج نشرع بالبكاء! ...  ولكن تظاهري بالألم كان يكفي ... 

أحمد: إنتي ما تشوفين؟
ليلى: شكراً !!! 
أحمد: بسج من هالتيلفون ... !
ليلى: انزين سوري ما شفتك! ....
أحمد: منوه تكلمين؟
ليلى: نعم؟ ... ما يخصك! ...
أحمد: زين ما كسرتيني ... برفع عليج قضية ... 
ليلى: يالله عاد!! ... ما يسوى عليك! ... بعدين أنت اللي وقفت فجأة!
أحمد: خديه ما تنلامين ... لو انتي منتبهه جان ما كفختيني ...
ليلى (بنبرة مستاءة): قلت آسفة ..
أحمد (مبتسم) ... : سامحتج ... شو تبين؟
ليلى: كابتشينو 

ناولني أحمد الكوب الأول، ثم تناول هو كوباً آخر من الكابتشينو، جلس على عمود مربع قصير من الحجر وجلست أنا على العمود الآخر بعيدة عنه بمسافة كافية، أخرج الكعك وناولني كعكة شكلها كأيل، وتناول هو كعكة على شكل رجل الثلج، كنت أقضم الكعكه بخجل، لا أحبه أن يراني آكل أمامه، ولكن لا بأس ..

أحمد: شو تدرسين بالضبط؟
ليلى: باكلريوس، إدارة أعمال ... وانت؟
أحمد: اكمل ماجستير ... 
ليلى: الله يوفقك ... 
أحمد: ليش ما تحبين ترمسين عربي جدام حد؟
ليلى: قلت لك ماحب ..
أحمد: إنزين ليش ... 
ليلى: ... أنا بروحي في نيويورك، وما أحب حد يسويلي مشاكل
أحمد: إنتي وين عايشه؟ ... منوه بيسويلج مشاكل هنيه؟
ليلى: أنت مب بنت ... ما بتعرف عن اشوه ارمس ... 
أحمد: صح أنا هب بنت لكني ولد عرب، هب معناته ما نرمس عربي يعني نحن بخير
ليلى: ........... هذا شي راجع لي ... 
أحمد: وايد معقدة الموضوع ...
ليلى: أتمنى ما تتكلم عربي جدام حد لا تحرجني ...
أحمد: وربايعج يعرفون؟
ليلى: طبعاً .... 
أحمد: أي سنة؟ ... 
ليلى: هذي الثانية، يبقالي سنتين،،، وانت؟
أحمد: هذا الكورس الأول لي ... منو هذا تيد .. 
ليلى: ماي بوي فرند! 
أحمد: شووووه؟
ليلى: يعني منوه يعني؟ واحد 
أحمد: تراني شفته انه واحد ... لا تستهبلين ... صدق منوه؟
ضحكت على (لا تستهبلين) وأجبت: اخو بنت صغيره اعرفها، امس اول مره اجوفه
أحمد: انزين هو شو يبا الحين؟
ليلى: يسلم بس!
أحمد: أيواا!! يسلم بس!!! 
سمعت صوت هاتفي، رسالة نصية (كل هذه المدة قهوة يا ليلى؟) ... ابتسمت ووضعت اصابعي على عيناي ... صادقة إيليشياً .. لقد نسيت نفسي!!! ... 

ليلى: اسمح لي ... انا بروح أحين
أحمد: وين؟ ... 
ليلى: عندي شغل! ... فمان الله
أحمد: باجر؟
ليلى: إن شالله ... موفقين ...
أحمد: شكراً على الهدية،،، البسكوت حلو ،،، وفاصل الكتب جميل ،،، بس ما عندي الا كتب الجامعه حالياً ...
ليلى: العفو،،،،، خلاص استخدمه لكتب الجامعة ... مع السلامة
أحمد: الله يحفظج

أنا، لم أعد للمسرح، كنت أتمسك بحزام حقيبتي وأنا أتوجه لبوابة الجامعة، نسيت أنني وعدت جي-سان أنني سأمر عليها، ونسيت أن إيليشيا تنتظرني، كنت أمشي ولا أشعر بذلك البرد الذي عادةً يجعلني أتلثم، بل كنت أستنشق الهواء كأنني في جبال الألب! ... ربما سيصدم والدي كثيراً عندما يدفع عن بطاقتي الإتمانية، فطاقتي الإيجابية اليوم كفيلة بأن تجعلني أشتري هدايا لكل الناس حتى (ماريا) خادمة والدتي!...... أنا الآن في مزاج جيد للتسوق، للدراسة،،،، لأي شيء آخر .... أنا أحب .... نيويورك! ....