شارفت الساعة على السادسة وخمس وأربعون دقيقة صباحاً، أخذت أركض على الدرج بسرعة، تخطيت آخر درجتين وأنا أقفز بنشاط. اتجهت نحو الباب، وضعت شالي الصوفي حول عنقي وأخذت حقيبتي، ثم لبست حذائي الدافئ، كم أحب هذا الحذاء! فهو هدية من صديقتي في يوم ميلادي، هي تعرف كم أحب الأحذية، وخصوصاً هذا، فهو مبطن بطبقة من الفرو الناعم! ..
فتحت الباب لتلمس برودة الجو وجنتي! .. رفعت شالي قليلاً لأغطي نصف وجهي، فأنا لا أحب أن يتجمد أنفي الآن! .. كانت أشعة الشمس تداعب الأشجار والشارع برقة، بالكاد أشعر بوجودها! ففي هذا البرد الشديد لا أستطيع أن أشعر بدفىء أشعة الشمس! .. كنت أمشي بسرعة متوسطة على قارعة الطريق، أفرك يدي تارة ببعضهما البعض، وتارة أخرى أتأكد أنني لم أتأخر، حتى وصلت هنا.. (مقهى السعادة) ...
تأكدت من الساعة! هي الساعة السادسة وتسع وخمسون دقيقة، دفعت باب المقهى وأنا أبتسم بانتصار لتعلن الأجراس وصولي! ... وأتبعتها أنا بتحيتي المعتادة: "صباح الخير يا جدتي! صباحكم بدوني لا يكتمل! وها أنا أتيت لأجعل صباحكم أجمل!" ... ولكن! لم أجد أحداً هنا! ... التفت يمنة ويسرة! لا يوجد أحد! .. كانت رائحة القهوة والكعك لذيذة جداً، تغيرت ملامح وجهي لملامح متسائلة، وأنا أتفقد المكان متجهة إلى الطاولة، أخذت كعكة ووضعتها في فمي وأنا أهم لتحضير فنجان من القهوة لنفسي، وأتمتم: "أين ذهبت جدتي؟ .. هي تعلم أنني لا أستطيع الذهاب إلى الجامعة دون أن أمضي الصباح معها" ...
"ليلى!! مالذي حدث اليوم؟ .. التزمت بالوقت على غير عادتك" وشعرت بيدها تتحرك على كتفي ببطئ شديد، التَفَت لأرى وجهها، هي أقصر مني ممتلئة الجسم ولكن حجمها صغير!، شعرها كستنائي يتخلله الشيب، عينان رمادية وتجاعيد حول عينيها لا تزيد مظهرها إلا طيبة، ترتدي رداء المطبخ الأبيض وقد طبع عليه (مقهى السعادة)، وبخط اخضر صغير (هنا فقط، الكعك والقهوة تجعلك تبتسم)، عندما رأيتها ابتسمت ابتسامة وصلت أذنيّ.
لم أستطع التحدث بسبب الكعكة، والتي قامت جدتي بأخذها من بين شفتاي وهي تهز رأسها وكأنها فاقدة الأمل "ليلى! أخبرتك عدة مرات أن تأكلي وأنتي جالسة، وأن لا تضعي الكعك هكذا في فمكِ!" ... أخذت الكعكة ووضعت ما تبقى منها في فمي، وأنا أحتضنها بقوة! ... حجمها الصغير يجعلني أحب أن احتضانها بشدة حول كتفيها، وهي لا تُحب ذلك، وفي كل صباح أحتضنها بقوة وتقوم هي بدفعي بعيداً وهي تقول "فتاة مجنونة" ...
أَخَذَت جدتي كوب القهوة من يدي، وقَفَزّتُ أنا لأجلس على الطاولة أشاهدتها وهي تضع لي مقدار السكر والحليب المناسب، ثم أخَذَت قطعة أخرى من الكعك ووضَعَتها بجانب فنجان القهوة وصحيفة اليوم، وتَوَجَهت هي إلى مكاني المفضل، تلك الطاولة في الزاوية الزجاجية! بجانبها شجيرات خضراء، وفي الخارج يطل المنظر على مفترق طرق، من هنا، أستطيع أن أشاهد الناس! ...
جلست جدتي على الكرسي المقابل لمكاني المفضل مع قهوتي والكعك، وبنظرة من عينيها انصعت لأمرها! ... ونزلت من الطاولة متوجهة إلى ذلك الكرسي ... وضعت الكعكة مرة أخرى في فمي وأنا أقلب صفحات الصحيفة، فنظرت إلي مرة أخرى فما كان مني إلا ان اخذت اقلب صفحات الجريده بيد، ويدي الاخرى تمسك بالكعك،،،،
فتحت الباب لتلمس برودة الجو وجنتي! .. رفعت شالي قليلاً لأغطي نصف وجهي، فأنا لا أحب أن يتجمد أنفي الآن! .. كانت أشعة الشمس تداعب الأشجار والشارع برقة، بالكاد أشعر بوجودها! ففي هذا البرد الشديد لا أستطيع أن أشعر بدفىء أشعة الشمس! .. كنت أمشي بسرعة متوسطة على قارعة الطريق، أفرك يدي تارة ببعضهما البعض، وتارة أخرى أتأكد أنني لم أتأخر، حتى وصلت هنا.. (مقهى السعادة) ...
تأكدت من الساعة! هي الساعة السادسة وتسع وخمسون دقيقة، دفعت باب المقهى وأنا أبتسم بانتصار لتعلن الأجراس وصولي! ... وأتبعتها أنا بتحيتي المعتادة: "صباح الخير يا جدتي! صباحكم بدوني لا يكتمل! وها أنا أتيت لأجعل صباحكم أجمل!" ... ولكن! لم أجد أحداً هنا! ... التفت يمنة ويسرة! لا يوجد أحد! .. كانت رائحة القهوة والكعك لذيذة جداً، تغيرت ملامح وجهي لملامح متسائلة، وأنا أتفقد المكان متجهة إلى الطاولة، أخذت كعكة ووضعتها في فمي وأنا أهم لتحضير فنجان من القهوة لنفسي، وأتمتم: "أين ذهبت جدتي؟ .. هي تعلم أنني لا أستطيع الذهاب إلى الجامعة دون أن أمضي الصباح معها" ...
"ليلى!! مالذي حدث اليوم؟ .. التزمت بالوقت على غير عادتك" وشعرت بيدها تتحرك على كتفي ببطئ شديد، التَفَت لأرى وجهها، هي أقصر مني ممتلئة الجسم ولكن حجمها صغير!، شعرها كستنائي يتخلله الشيب، عينان رمادية وتجاعيد حول عينيها لا تزيد مظهرها إلا طيبة، ترتدي رداء المطبخ الأبيض وقد طبع عليه (مقهى السعادة)، وبخط اخضر صغير (هنا فقط، الكعك والقهوة تجعلك تبتسم)، عندما رأيتها ابتسمت ابتسامة وصلت أذنيّ.
لم أستطع التحدث بسبب الكعكة، والتي قامت جدتي بأخذها من بين شفتاي وهي تهز رأسها وكأنها فاقدة الأمل "ليلى! أخبرتك عدة مرات أن تأكلي وأنتي جالسة، وأن لا تضعي الكعك هكذا في فمكِ!" ... أخذت الكعكة ووضعت ما تبقى منها في فمي، وأنا أحتضنها بقوة! ... حجمها الصغير يجعلني أحب أن احتضانها بشدة حول كتفيها، وهي لا تُحب ذلك، وفي كل صباح أحتضنها بقوة وتقوم هي بدفعي بعيداً وهي تقول "فتاة مجنونة" ...
أَخَذَت جدتي كوب القهوة من يدي، وقَفَزّتُ أنا لأجلس على الطاولة أشاهدتها وهي تضع لي مقدار السكر والحليب المناسب، ثم أخَذَت قطعة أخرى من الكعك ووضَعَتها بجانب فنجان القهوة وصحيفة اليوم، وتَوَجَهت هي إلى مكاني المفضل، تلك الطاولة في الزاوية الزجاجية! بجانبها شجيرات خضراء، وفي الخارج يطل المنظر على مفترق طرق، من هنا، أستطيع أن أشاهد الناس! ...
جلست جدتي على الكرسي المقابل لمكاني المفضل مع قهوتي والكعك، وبنظرة من عينيها انصعت لأمرها! ... ونزلت من الطاولة متوجهة إلى ذلك الكرسي ... وضعت الكعكة مرة أخرى في فمي وأنا أقلب صفحات الصحيفة، فنظرت إلي مرة أخرى فما كان مني إلا ان اخذت اقلب صفحات الجريده بيد، ويدي الاخرى تمسك بالكعك،،،،
- جدتي، لن أقرء الصفحات السياسية لك اليوم! فهي تكرار لأحداث عالمية تتكرر كل يوم!
- ماذا حدث في الشرق الأوسط؟
- مظاهرات، اعتقالات، تفجيرات،،،،
- فقط؟ ..
- هذا ما تذكره صحيفتكم... أنظري إلى هنا يا جدتي، أليست هذه صورة المقهى؟ .. وهنا انتِ ولكن صورتكِ بعيدة جدا وصغيرة!!!
- كيف؟
- القي نظرة:
"تدير هذا المقهى سيدة في العقد السادس من العمر، توجهت إليه بعد أن ازدحم الشارع وأصبح الانتظار في هذا الجو البارد لا يطاق، طلبت كعك محلى وفنجان من القهوة، ويجب أن أقول: قُدِّم الكعك والقهوة إليّ بحب، فعلا كما كتب في زجاج المقهى: هنا فقط الكعك والقهوة تجعلك تبتسم" - سام
ابتسمت جدتي، ونظرت إلى بتساؤل "أنا لا أذكر هذا الشخص" .... بدأت بقص المقال لها بحذر وأنا أرد عليها: "أنتي انسانة طيبة جداً، آتي إليك كل صباح لآخذ جرعة من السعادة قبل أن أتوجه إلى الجامعة، أنتي يا جدتي تحملين قلباً نقياً، يجبرنا أن نبتسم رغم ما سنواجهه بعد أن تُقرَع أجراس بابكِ معلنة رحيلنا... جدتي عندما أعود إن شاء الله سأعلق لكِ هذا المقال على ذلك الجدار" ....
وضعت المقال في حقيبتي وانا اكمل الكعكة بسرعة، فقد تأخرت ... لم يبقى على موعد الحافلة سوى دقائق، أخذت كوب القهوة واقْتَرَبْتُ من جدتي لتطبع قبله دافئة بين عيناي "أتمنى لك يوماً سعيداً يابنتي" .. وعندما هممت للخروج كانت الحافلة قد توقفت أمام المقهى، وقد دخل البعض منهم ليحصل على جرعة من السعادة. لوحت لجدتي وأنا أركب الحافلة، ثمجلست في أول مقعد بجانب النافذة، يا الهي!! ان الجو بارد جداً! ...
وضعت المقال في حقيبتي وانا اكمل الكعكة بسرعة، فقد تأخرت ... لم يبقى على موعد الحافلة سوى دقائق، أخذت كوب القهوة واقْتَرَبْتُ من جدتي لتطبع قبله دافئة بين عيناي "أتمنى لك يوماً سعيداً يابنتي" .. وعندما هممت للخروج كانت الحافلة قد توقفت أمام المقهى، وقد دخل البعض منهم ليحصل على جرعة من السعادة. لوحت لجدتي وأنا أركب الحافلة، ثمجلست في أول مقعد بجانب النافذة، يا الهي!! ان الجو بارد جداً! ...
نصف ساعة هي المدة المتوقعة للوصول إلى الجامعة، في هذه النصف ساعة استذكر بعض الدروس أحياناً، وأحيان أخرى لا أشعر بالطريق وذلك لانتقالي تماماً إلى عالم آخر، لا تتحرك عيناني عن النافذة وأفكر بحياتي، أنا لست صغيرة في السن، عمري ٢٦ سنة، لم تسمح لي الفرصة لإكمال دراستي الجامعية بسبب ظروف عائلية، أنا وحيدة هنا في الولايات المتحدة، بالأخص في مدينة نيويورك، حصلت على منحة دراسية بعد طول عناء، هنا لا يعرف الكثير من الناس أنني عربية، ولكنهم يعرفون أنني مسلمة بسبب حجابي، جدتي هي ليست جدتي البايلوجية! التقيت بها عندما انتقلت إلى الولايات المتحدة قبل ٤ سنوات في إجازة الصيف مع عائلتي، فشقتنا كانت في المبنى المقابل لها! فكنت ازورها كل صباح، وعندما عدت للدراسة، لم يكن هناك أي شخص بالغ-عاقل-طيب-حنون أستطيع الثقة به إلا هي! .. أقرأ لها عناوين الصحف كل صباح، هي تستطيع القراءة والكتابة! ولكن أحب دائما أن أقرء لها العناوين! .. تعاملني هي كوالدتي إن صح التعبير! توجهني توبخني وأيضاً تعتني بي! .. أقضي العطلات معها ومع عائلتها، وتتقبلني هي ... بحجابي ... ! "سيدتي .. هل ستنزلين هنا؟ انها محطة الجامعة" ... أيقظني صوت السائق .. ابتسمت له ونزلت من الحافلة وأنا أنظر إلى كوب القهوة الفارغ! ... يا الهي! متى انتهيت منه؟ ....
.... يتبع،،،،
5 comments:
بانتظار البقية..احببت اسلوبك ^^
السلام عليكم ..
سعادتي مضاعفه
كما أخبرتك في تويتر :)
أبدعتِ يا غاليه
في إنتظارك بكل شوق
رائعة يا ليل و فخورة بك
شمسة المزروعي
Wooow i love it
Lo0__lo0
جميلة .. متشوق للاجزاء الباقية ❤❤❤❤
شكرا من القلب .. اسلوب يواسي الحزين والكئيب ��
Post a Comment