Monday, November 16, 2020

رحلة في مكتبات مصر ...



من أجمل التجارب الجميلة التي لن تنساها هي زيارة المكتبات في مص. فالتجول بين رفوف الكتب المعروضة في مصر  هي تجربة مختلفة تماما عن المعهود لدينا في دول الخليج (الإمارات على وجه الخصوص). وكعادتي أحب دائما أن أبتاع كتاب من اختيار صاحب المكتبة أو البائع، وذلك لأغير نمط اختياراتي المتشابهة! وهنا يجدر بي الذكر أنني لا ألوم أي شخص على اقتراحاته نهائياً بما انني طلبتها على ذائقته! .. 

من الأماكن التي قمت باختيار الكتب فيها على ذائقة البائع هي مكتبة صغيرة في دور تحت الارض عند مواقف السيارات في مدينة الشيخ زايد في القاهرة ، مكتبة صغيرة جدا والبائع شاب صغير السن، واقترح علي 4 كتب وحقيقةً كانت جميعها ممتعة ..

في مصر هناك تجربة فريدة لاقتناء الكتب، وهي الكتب المفروشة على قارعة الطريق، منها الجديد والمستعمل، هذه الكتب بحد ذاتها اعتبرها منظر جمالي للشارع! رغم حزني على الكتب إلا أن الكثير منها والمجلات تكون قديمة جداً ولا اعرف حقيقةً ان كان بائعها يعرف قيمتها ام لا! .. ولكن تظل هذه التجربة دائما مميزة عند زيارتك للقاهرة، وتحديدا بجانب (أسدين قصر النيل) أو (الحسين) أو (الزمالك) أو غيرها من الأماكن الاخرى ... 

وفي تجربة أخرى في شارع المعز لدين الله الفاطمي (قرب الحسين) دخلت مبنى قديم جداً وعليه لافته تشير الى اتجاه مكان لبيع الكتب المستعملة، وهنا دخلت في منزل عتيق من طابقين، وكعادة البيوت القديمة فان الفناء الداخلي للمنزل كان مفتوحاً على الطابق الثاني الغير مسقوف! .. وتم توزيع الكتب في فناء المنزل (الذي لم يعد منزلا) في الطابق الأول والثاني! .. وهنا اقتنيت كتب قديمة جدا بعضها كتب جامعية من تخصصهات الهندسة والعمارة التي تعود للستينات او السبعينات وبعض الروايات هنا وهناك، جميع الكتب التي اقتينتها كانت اوراقها متهالكة ومليئة بالغبار! ولكن جذبتي الملاحظات وتعليقات الدارسين وبعض الخطوط اسفل سطور معينة في الروايات! ... تخيلت الشخص الذي كان في يوم من الايام يتصفح الكتاب، أو يستعد لامتحان، أو صاحبته مشاعر معينة عند قراءة سطر في رواية! .. وكيف وصلت كتبهم الى هنا؟ والتي يتم بيعها بمبلغ زهيد جدا لا يتجاوز خمس او عشرة جنيهات! ..... (لست متخصصة بالهندسة أو العمارة، ولكن هذه الكتب بتفاصيلها العتيقة اجد فيها قصص الاندلس والشوارع القديمة). 

وبالحديث عن المكتبات، كنت قد جهزت مغامرة كاملة في مخيلتي تبدأ بمحطة القاهرة، وان استقل قطارا من القاهرة الى الاسكندرية بينما اسند رأسي على زجاج النافذه واستمتع بالمناظر الطبيعية حتى أصل إلى محطة الاسكندرية، تلك المناظر المتنوعة من النيل الى الترع الى الحقول الى البنايات الى الناس الذين يستقلون القطار في كل محطة.

 ولكن فشلت هذه الخطة بجدراة بأمر سامي من والدتي يفيد التالي: زيارة (مكتبة الاسكندرية) تكون باستقلال سيارة خاصة ولا يوجد أي نقاش في هذا الفرمان - سوى ملاحظة بسيطة انها لا تعرف حقاً لماذا اود قطع هذه المسافة حتى أزور مكتبة الاسكندرية؟ ... 

وفعلا تم التجهيز لهذه الرحلة وبكل حماس تم اضافة (قلعة قايت باي) و (المنتزه) و(متحف المجوهرات) في القائمة! .. ولكن من سوء حظي عندما وصلنا ان المكتبة كانت مزحومة كثيرا، ربما لوجود ملتقى او فعالية حيث اننا لم نستطع ايجاد أي موقف حتى في المناطق المجاورة، ولكم ان تتخيلوا وجهي التعيس والبائس الذي كان يبحث بجد عن اي موقف حتى لو كان مخالفاً. وملامحي الحزينة عندما نمر أمام المكتبة مرتين او ثلاث  دون جدوى .. وهنا توجهنا الى قعلة قايت باي التي استقبلتنا بكل حب.

ولكن اود هنا فقط الاجابة بشكل مبسط عن سؤال والدتي، لماذا أقطع هذه المسافة لزيارة مكتبة الاسكندرية؟ ... انا لا اقطعها لاصور، او ازورها لاقتناء كتب! .. عندما ازور مكتبة الاسكندرية فانا ازور صرح وجد قبل الميلاد! .. منارة للثقافة ... حيث انها اقدم مكتبة حكومية في العالم! ... تضم بين جدرانها الكثير من البرديات والمخطوطات ومؤلفات العلماء وأمهات الكتب.. فقط الحديث عن هذه المكتبة يجعل قلبي ينبض بقوة! ... كم احب الأماكن التي لها تاريخ عريق! ... كم احب الاماكن الثقافية! ... والمخطوطات والبرديات ... تلك التفاصيل التي لم تعد موجودة الان! ... كنت سأسر فعلا لو تجولت في المكتبة حتى وان لم اجد ضالتي بالهجوم على هذه البرديات والمخطوطات ... عموماً ... مع كل الحزن في قصة مكتبة الاسكندرية لا استطيع ان اكذب عليكم!! .. مشاهدة صرح المكتبة كان كفيلاً لمنحي جرعة من السعادة ...

ومن الاسكندرية سأعود معكم الى دار الشروق المصرية! .. والتي ستجدونها في عدة مولات وشوارع ومناطق مختلفة في مصر، احب زيارتها دائما واحببت العديد من الكتب الصادرة من دار شروق وزرت المكتبة في عدة أمكان مختلفة في القاهرة ... رائحة الكتب .. إدمان ... 

بعيداً عن دار شروق، أود مشاركتكم تجربة فريدة في الزمالك .. بعد الانتهاء من وجبة لذيذة جداً في مطعم البيتزا العتيق (ميزن توماس) وهومطعم تم انشاءه من 1922، وجدت لافتة كتب عليها (مكتبة ديوان) في احدى زوايا الزمالك .. لا اعتقد ان عائلتي قاومت او منعتني من الذهاب فهم يعرفون حق المعرفة كمية حبي للمكتبات، وفضولي الكبير للابواب العتيقة .. ووعدتهم وعداً (كاذباً) انني ساتجول بشكل سريع جدا لاستكشاف المكان ... ولكن! ... لم استطع ان افي بوعدي ... جو المكتبة اخذني الى (أيام زمان) ... إلى القاهرة القديمة ... بالاضاءة الخافتة .. طريقة ترتيب الكتب .. الهدوء .. الرفوف الخشبية .. الى المقهى الصغير جداً في منتصف المكتبة ... كانت كلها تفاصيل شدتني ... ثم انتبهت الى ان المكتبة متنوعة جداً وفيها الكثير من الكتب التي يصعب ايجادها في مكان اخر ... واقتنيت بعض الكتب التي (لا تشبهني) مثل الكتب الصوفية (فضول!) ... 

كل هذه الذكريات كانت بسبب حوار بسيط مع بائع المكتبة في (مكتبة إيوان) في هيلي مول، عندما سألته عن كتب وروايات مصرية ثم عن دور النشر والمكتبات في مصر ، ثم اقترح علي  أن أزور مكتبة (ألف) في الاسكندرية خلال زياراتي القادمة، ظننت انني لم ازر هذه المكتبة ولكن عند بحثي في قوقل علمت انني زرتها في مول العرب (فخورة بنفسي) ولكن دون معرفتي باسمها سابقاً .. وهذا ذلك لا يمنع فضول اضافة مكتبة الف في الاسكندرية الى القائمة!. ... 

في النهاية المكتبة التي لم اصل اليها حتى الان هي مكتبة مدبولي ... المكتبة العتيقة والقديمة والمشهورة بكتبها ... لا أعلم لِم لَم تنجح المحاولات في الوصول اليها! ... ولكن ... ستكون دائما في الخطة ان شاء الله تعالى! ... 

.

.

هل تشعرون معي بكمية الحنين الى مصروشوارعها ومكتباتها؟ .... ربما تأثير كوفيد 19 .... 

3 comments:

Huda Altamimi said...

أجاوب عن آخر سطر نعم نعم الحنين يا عزيزتي ليلى الحنين لها و الشوق لنيلها و شوارعها و مكتباتها 💕💕 أستمتعت بالقراءة أحسست بحماس محطة القطار و رصيف قطار الإسكندرية.. مكتبة الإسكندرية عظيمه جداً و صرح خيالي بحق .. أما عن عدم زيارة مدبولي 🤔🤔 كيف ذلك خاصه لشخص قارئ مثلك يتوجب عليك زيارتها حقيقه لي سنوات لم أشتري منها فقد وجدت راحتي و كتبي في مكتبات الشروق و ديوان و تنمية أكثر من البقيه و كما ذكرتي في وصف مكتبة ديوان الزمالك فيها متعه و شعور مختلف عن غيرها ... كانت في الزمالك الشروق و داخل المكتبة شجرة عملاقة تم بناء المبنى و عدم أقتلاعها و لكن للأسف أغلقت أبوابها و بدأت أكتفي بالشروق الموجوده عند ميدان طلعت حرب... أعدتي الذكريات و الشوق للساحرة الفاتنه اللهم لقاء قريب لها بصحه و سلام شكراً و حبا يا صديقتي ❤

Anonymous said...

وكأنني اقرا مقطع من رواية ادب رحلات... استمتعت بكل وصف للأماكن وكأنني ازورها معك
برغم زيارتي الوحيدة للقاهرة فعلا خالفت انتباهي الكتب التي تباع على جنبات الطرق أيضا زرت معرض لامتب المستعملة لا أعلم المكان والاسم لكنه في القاهرة
وا؛ذكر رفيقي بالسفر املاحقيبتين سفر منالحجم الكبير مليانه كتب واحضرها معه إلى الرياض
استمتعت جدا بالموضوع
تقديري
عامر

Saicheng Instrument said...

Nice post! This is a very nice blog that I will definitively come back to more times this year! Thanks for informative post.
Packaging Testing Equipment