من المؤكد أن مسلسل (ساهر الليل) لعب الدور الأهم في تحريك مشاعر مواطني دول الخليج العربي، فتلك المشاهد عن الغزو واحتلال الكويت هزت مشاعر كل من تعايش مع تلك الفترة، لم استطع أن أخفي دمعتي عندما رأيت الرعب يدب في قلوب الممثثلين! وتخيلته في قلوب الكويتيين والمقيمين في تلك الفترة. أصبح تحرير الكويت الحديث المتداول حاليا في المنزل والعمل! .. وهنا،، أود أن أسطر بعض ما أذكره في تلك الفترة،،،، فلم أكن سوى طفلة صغيرة لا تفقه معنى الاحتلال والغزو ولكن تعرف أن هناك (ألم)، (تعاطف)، (تكاتف)، وتعاون،،،،
(١)
لم آتجاوز السادسة، ولا زلت أذكر تلك الليلة التي جاء والدي يحمل كيسا فيه مجموعة من (اللصق)! .. فأخذته والدتي وأخوتي، وكنت أمشي وراءهم بفضول، كان يقف والدي ليغطي منافذ الهواء، مثل منافذ المكيف، والنوافذ وغيرها، كنت أمشي وراءهم ولا أعرف لماذا كل هذا؟ هنا أبي وهنا أمي وهنا من يقص اللصق! .. وأنا أكتفي بالتحرك بينهم بفضول. كعادتي اتجهت إلى بيت عمتي المجاور لنا لأخبر أقراني بالحدث الجديد في منزلنا .. فوجدتهم أيضاً على نفس الحال! ..
(٢)
كان الجو غائم، أذكر جيدا تلبد الغيوم قبيل المغرب وأنا في بيتنا الشعبي، تجلس أمي على ذلك الدرج المؤدي إلى سطح المنزل وهي تجمع أكياس وترتبها، أذكر أنني أرفع عيني إلى السماء لأرى الغيوم، وأرى تلك النخلة الفارعة، وأشعر بالبرد الشديد، وأسأل والدتي (انتو شو تسون؟)، فقالت: (نحن نرتب الأكل عشان نخزنه)، سألتها مرة أخرى: (ليش؟)، فقالت: (صدام يهدد يضرب دول الخليج بالكيماوي)، فقلت (شو الكيماوي؟)، فقالت: (مادة سامة، تموت). تركت والدتي وأنا أتخيل الكيماوي عبارة عن غاز أخضر سام! تماماً كما ما كنت أشاهده في أفلام الكرتون، وتوجهت إلى المخزن لألقي نظرة، فرأيت أكياس الأرز والطحين وغيرها بكثرة، فعدت إلى أمي وسآلتها (لماذا؟) فقالت: (وقت الحرب محد يطلع، يمكن ما نحصل أكل، هذا احتياط)،،،
(٣)
أتذكر أن كل من حولي كان يتكلم عن احكام اغلاق منافذ الهواء التي ستسرب الكيماوي، كما أنه من المهم أن يلبس الجميع الكمامات (التي قام والدي بتوفيرها) في حال تم اطلاق هذه الغازات السامة! .. كالعادة عندما أذهب لبيت الجيران أو بيت عمتي، فلم أكن أحمل أخباراً جديدة! .. وكأن الحارة كلها اتفقت على اجراءات سلامة واحدة حتى في اختيار الكمامات واللصق! ..
(٤)
منعت عدة أيام من اللعب في الحارة وزيارة الجيران وبيت عمتي المجاور لنا، وذلك بسبب التهديد باطلاق ذلك الغاز الأخضر!، فكنت ألازم والدتي طوال الوقت، حتى فرجت!
(٥)
كنت أستمع لكثير من الأغاني الوطنية في تلك الفترة، فذلك ما كان يبث على القنوات المعدودة التي كانت تبث، منها النشيد الوطني الكويتي، وأغاني إماراتيه تحث على التكاتف وشد الهمم! كانت أغلب هذه الأغاني تبث إما بشعارات دول الخليج أو الزي الرسمي للجيش. في تلك الفترة أعتقد أننا حفظنا كثيراً من هذه الأغاني! كما حفظنا النشيد الوطني الكويتي!
(٦)
كان بعض الأطفال في حارتنا يكبرونني بعدة سنوات، فكانوا يتناقشون في موضوع تحرير الكويت! والغزو، فكان كل ما نتحدث فيه هو ما نسمعه من كبار السن! .. وبدوري كنت استمع لأقراني! .. فكل ما كان يتكرر هو ما يفعله "صدام" وفي ذلك الوقت لم أكن أعرف من هو صدام! سوى شخص اعتدى على دولة شقيقة وعاث جيشه فيها فساداً .. كنت اسمع لكثير من الأحاديث السيئة لما فعله الجيش العراقي في الكويت، فضمرت الكره في صدري له وأنا لا أعرفه! وكنت اتساءل دائماً (ليش محد يقدر يجتل صدام عشان ما يجتل حد؟) .. على العموم! هذا كانت تفكير طفلة تظن أن العالم بخير! علمت بعدها أن صدام كان (سيف العرب) وكانت له مواقف كثيرة، ولكن لكل حصان كبوه! ...
(٧)
بينما كنت العب في (الحوش) بعد المغرب، رأيته يدخل بزيه العسكري! قد تكون المرة الأولى التي أرى والدي يرتدي زياً عسكرياً، ركضت بسرعة وقفزت لأتعلق برقبته بكل قوة! .. أذكر هذه اللحظه عندما ضمني له وحملني إلى الداخل، وعندما سألت والدتي (وين كان ابوي؟) .. أجابت (في الجيش) ... حتى فترة قريبة كنت أظن انها مجرد تخيلات، فوالدي ليس عسكرياً! وعندما كنت آشاهد مسلسل ساهر الليل اخبرت امي عن دخول والدي المنزل بزي عسكري، فهل هو خيال ام حقيقة؟ .. فأجابتني أنه ذهب هو ومجموعة من رجال الإمارات ليتلقوا تدريبا عسكرياً،، كمتطوعين ..
(٨)
كنت أسمع أن هناك بعض العائلات الكويتية في الإمارات ومنهم من أتى إلى مدينة العين أيضا.
كثير من هذه الذكريات التي ذكرتها كانت ذكريات مشتركة مع زميلات وصديقات كثر :) ...
إن الأمن والأمان نعمة من الله سبحانه وتعالى، اللهم أدمه على المسلمين والمسلمات في كافة ارجاء الأرض
اللهم اغفر للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وارزقه جنات النعيم