Wednesday, January 16, 2013

مقهى السعادة (6) ،،،


عدت إلى المنزل وأنا منهكة القوى، حاولت عدة مرات أن أضع المفتاح بالشكل الصحيح في القفل لأفتح باب شقتي ولكني لم أنجح إلاّ بعد عدة محاولات. عندما دخلت لم أضيء أي ضوء بل توجهت إلى الدَرَج وأنا أجر قدميَّ  جراً، حتى وصلت إلى كنبتي الحبيبة، وضعت الأكياس على الطاولة وارتميت على ظهري على الكنبة حتى دون أن أخلع حذائي، لم يكن ينير المكان سوى ضوء أشعة الشمس الذهبية عند المغيب، ضوء خافت نوعاً ما! .. شمس الشتاء مختلفة! .. ومع هذا الهدوء، والجو البارد، وكنبتي الناعمة! وإجرام الآنسة جي-سان بنا اليوم، لم أشعر بنفسي.. فغفت عينيّ ها هنا ... 

عندما استيقظت كان الظلام حالكا، دقائق قليلة مرت حتى بدأت عيناي استيعاب ما حولي، نعم أنا في شقتي، على كنبتي،  بعد اليوم المتعب الطويل مع جي-سان! .. ركبنا عدة حافلات، وانتقلنا عبر الميترو، وذهبنا إلى أماكن عديدة في نيويورك حتى تستطيع جي-سان أن تلتقط الصور التي تريدها، أما أنا وإليشيا كنا نمشي وراء جي-سان إما أن نلتقط صور بسيطة هنا وهناك، أو نقترب من بعض ونتحدث بهمس عن آشخاص أمامنا أو حتى جي-سان ونبدأ بالضحك! .. كانت إيليشيا تفسد صور جي-سان عندما تبتعد جي-سان عنا فكريا! .. مما يجعلها تغضب وتبدأ بالتحدث بلغة يابانية فتقوم إيليشيا بالرد عليها باللغة الهندية! أما أنا فكنت أضحك فقط ... 

استيقظت بكسل من الكنبة، وأضأت الغرفة، نظام التدفئة، توضأت وصليت، ثم أخذت كيس العشاء. في نهاية الأسبوع تضج شوارع نيويورك بعربات الطعام! .. كأنها مطاعم صغيرة هنا وهناك! .. وهذه العربات من أمتع ما يكون بالنسبة لي أنا وصديقاتي، فنحن لا نمانع أن نجرب (NYC Street Food). وضعت عشائي على الطاولة ووضعت (الابتوب) بجانبه، كانت الساعة الثامنة مساءً... دخلت برنامج (سكايب)، فلم أجد غير إيليشيا وجي-سان، وبعض زميلات الجامعة .. أرسلت رسالة لوالدتي (أمي، إن استطعتِ، فأنا على برنامج الاسكايب)، وصلتني رسالة من والدتي تفيد أنها في إجتماع ولن تستطيع أن تتحدث معي قبل عدة ساعات!! تناولت عشائي وحيدة وأنا أقرء الصحف الإماراتية (أونلاين) ،،، مع تلك الأخبار المتناثرة و تلك الحروف الكثيرة، قرأت اسم (أحمد)، لا أعرف عما يتحدث الخبر المهم أنني ابتسمت وأنا أسترجع ذكريات الصباح! .. الآن أنا وحيدة وأستطيع أن أحلل الموقف لوحدي دون أي إزعاج من أحد، أو وجود أي شخص ينظر إلى ملامح وجهي التي تفضحني! .. فقط القليل من الوقت ثم أنتهى يومي بسرعة لم أستطع أن أقاوم النوم بعد حمام ساخن طويل، حتى أني لم أُمَّكِن نفسي من التفكير بأي شيء، لازلت متعبة من كثرة المشي هذا اليوم! .. 

ولأنني نمت مبكراً، استيقظت أيضاً مبكراً، صليت الفجر ورأيت الفوضى التي أحدثتها البارحة!، أخذت بترتيب صالتي الصغيرة وأنا أتحرك مع أنغام فيروز (نسم علينا الهوى من مفرأ الوادي ... يا هوى دخل الهوى .. خدني على بلادي)، رتبت ملابسي، وقمت بتنظيف المطبخ. عندما أشارت الساعة إلى الثامنة والنصف صباحاً كنت قد انتهيت من جدول أعمالي المنزلية التي أجبرتني الغربة على تعلمها. غيرت ثيابي، ولبست معطفي الكحلي وغطاء شعري، ثم وضعت قبعة صوفية حمراء على حجابي لتغطي أذنيّ فلا يظهر حجابي بل كأنني ألبس فقط ملابس شتوية أنيقة، ارتديت حذائي الشتوي الذي أحبه، ووضعت (الابتوب) في حقيبتي، وتوجهت إلى الأسفل، آخر لمساتي كانت الشال القطني الأحمر، نظرت إلى نفسي في المرآة ثم خرجت من المنزل وأنا أضع سماعات (الآيبود) في أذنيّ .. 

كنت متوجهة إلى مقهى السعادة، لا يبعد كثيراً عن شقتي، فقط عدة شوارع، وفي طريقي وجدت فتاة صغيرة تجلس على قارعة الطريق في برد ديسمبر القارص! .. عندما نظرت إليها، توجهت إليّ ومدت يدها (أعطني بعضاً من المال، لم آكل شيئاً منذ البارحة)، أعطيتها مجموعة دولارات كانت تستقر في اخر حقيبتي، وكوبون من مقهى السعادة! .. أخبرتها أن تذهب إلى هناك وأن تأخذ كوباً من القهوة الساخنة والكعك! .. شكرتني كثيراً ثم سألتني عن اسمي فقلت لها (ليلى)، وعندما سألتها عن اسمها قالت (آني) ثم استطردت (أنا لست فتاة فقيرة، ولكني تشاجرت مع والديّ وهربت من المنزل) .. أمسكت بيد (آني) وأخبرتها أننا سنذهب معاً إلى (جدتي)، أخبرتها أنني أحب جدتي كثيراً، وأن والدي كانا يتشاجران معي كثيراً، ولكني لم أهرب من المنزل قط! .. كانت ترد عليّ بغضب أنهم لا يحبونها، لا يستمعون إليها، وهكذا كنا نتحدث حتى دخلنا أنا وهي إلى المقهى، كانت جدتي تقرأ (new york times) عندما جئت من خلفها واحتضنتها بقوة وبشدة حول كتفيها، فسمعت ضحكاتها المتتالية وهي تقول (ابنتي!) ..قبلتها على خدها ثم جلست بجانبها وانا أخبر آني أن تذهب إلى (إيمي) وتعطيها الكوبون وهي ستقدم لها القهوة .. ابتسمت آني ثم ذهبت! 

هنا أخبرت جدتي قصة آني التي بدورها تحدثت لاحقاً مع آني بحب، بقلب الأم والجدة، حتى استطاعت أن تقنع آني أن هذه الخلافات تحصل! واستطاعت أن تحصل أيضاً على هاتف والدتها، فحدثتها وأخبرتها أن ابنتها هنا! .. لم تمضي نصف ساعة حتى آتى والدا آني إلى المقهى، كان مشهداً غريباً عليّ، فكانت والدتها تحتضنها بشدة وهي تعتذر لابنتها، أما الوالد فكان يشكرني أنا وجدتي، وآني كانت تحتضن والدتها بطفولة حاولت جاهدة أن لا تبينها لأحد! .. قدمت جدتي الكعك لآني كهدية عند رحيلها مع والديها! .. أما أنا فجلست في مكاني المفضل وأنا أشاهد اكتظاظ الشارع بالسيارات عند مفترق الطرق، ثم وضعت جهازي على الطاولة وأنا أحتسي القهوة، للإنتهاء من متطلباتي الجامعية،،، 

(مرحباً ليلى)،، كان هذا الصوت كافياً لآن أشعر بأن نبضات قلبي توقفت فجأة، ثم تسارعت! لوهلة، ظننت أن قلبي سيقفز من صدري، هنا فقط عقدت حاجبيّ لأركز في آخر الكلمات التي كنت أكتبها ثم ضغطت (حفظ) ورفعت رأسي، كل هذا في عدة ثوانٍ فقط! .. نعم إنه هو! .. أحمد .. نظرت إليه وهو يبتسم ينتظر أن أرد عليه، ثم وقفت وأنا أسأل نفسي (لماذا تقفين يا ليلى؟ في الاتيكيت لا تقف الفتيات! كلا! نحن في الامارات نقف احتراماً للناس ... يا الهي كم أنا متوترة!) .. "مرحباً .. سيد أحمد" هكذا أجبته بلغة إنجليزية بسيطة ... "سيد أحمد؟ .. لماذا كل هذه الرسمية! .. فقط أحمد!!" ... لم أكن استطيع النظر إليه، كنت أبحث عن أي مخرج لأهرب .. عندما أنظر لجدتي فهي لا ترفع رأسها عن صحيفتها .. عندما نظرت لإيمي فهي تخدم الزبائن، لم يكن هنا أي أحد أستطيع الهروب إليه! .. "ممم هكذا أفضل" ... "تستطيعين مناداتي بأحمد فقط، كيف حالك اليوم؟" ... أجبته وأنا أطرق بأظافري على الطاولة "لا بأس، وأنت؟" .. "أنا بخير، أنتظر صديقي أخبرته أننا سنلتقي هنا اليوم" ... لحظات هدوء سادت المكان ... لم أرفع رأسي فيها أبدا ... "هل أنتي عربية؟" .. لم أجبه .. "حسناً لا بأس، آسف على تدخلي، أين إيليشيا؟" .. وبما أن السؤال لا يتعلق بي أجبته بسرعة .. "لا أعرف، ربما تدرس" ... "إن إيليشيا فتاة مرحة جداً" .. ابتسمت ابتسامة صغيرة وأنا أتذكر ما فعلته إيليشيا البارحة وقلت "نعم" ... "تدرسين؟" ... "نعم أنهي بحثي، يجب أن أسلمه هذا الاسبوع" .. "تحتاجين مساعدة؟" ... "لا ..شكرا" ...

عندها شعر أحمد أنه غير مرغوب به، فأخبرني أنه سينتظر صديقه .. واختار طاولة بقرب الزجاج، عندما هم بالجلوس نظر إلي مبتسم ولوّح بيده، نعم! لقد كنت أنظر إليه .. شعرت بالإحراج، فنظرت إلى الشاشة سريعاً وأكملت بحثي وأنا مبتسمة، ثم أسلت رسالة نصية إلى إيليشيا (خمني من في المقهى؟) .. لأجد اتصالاً هاتفياً من إيليشيا .. 

"ليلى! هل هو هناك"
أجبتها وأنا أضحك بصوت خافت "نعم إنه هنا!" 
"تباً لكِ، إنني قادمة"
" لا لا لااااا أرجوكِ يا إيليشيا"
"كلاااا إنتظريني، ولا تدعيه يذهب"
"نعم؟ هل أنتي غبية؟ هل سأمسك به وأخبره أنكِ في الطريق؟"
أجابت بلهجة هندية "أررررييي .... ليلى مجنوووووون .... إنتظريني"
"إليشيا .. تتسببين لي بالمشاكل"
"قادمة" 

عندها أغلقت الهاتف!! وتركتني في صدمة عاطفية! .. عاصفة من الفضائح قادمة إليّ!! ليتني لم أتحمس وأخبرها! ... كان صديق أحمد قد وصل، يبدو أنه عربي أيضاً .. جلس مقابل أحمد فلم يكن يراني،،، أما أنا، تركت بحثي، ووضعت سماعاتي مرة أخرى وأنا أبتسم .. لم أكن أعير أي انتباه لما كنت أستمع إليه .. كنت فقط أفكر بنفسي! لماذا هذا الشعور الغريب؟ .. لا يجب أن أدع حماس إيليشيا وقصصها وأفلامها الهندية أن تؤثر بي! .. نعم يبدو أحمد شخصاً أنيقاً، يحافظ بشكل دائم على ابتسامته، وقد ساعدني ذلك اليوم، ولكن هذا لا يسمح لقلبي أبداً أن يرقص بداخلي عندما أسمع اسمه أو أتحدث عنه أو ،،، عندما أراه! .. أنا بالكاد أعرف بعض المعلومات عنه! ..  ولست صغيرة لأعيش قصص المراهقة .. هنا أقطبت حاجبيّ غضباً على نفسي، وعدت أكمل البحث، وأنا أحاول جاهدة أن لا أسترق النظر! .. تلك القطة الفضولية التي في داخلي ... ستقتلني 

Tuesday, January 8, 2013

مقهى السعادة (٥) ،،،


بينما كنت أمضغ طعامي بسرعة حتى لا نتأخر، وأرتشف القهوة بين الحين والآخر، رأيته يدخل مقهى السعادة بنفس تلك الإبتسامة التي رأيتها آخر مرة، وقف أمام "الكاشير" وبدأ بالتحدث مع إيمي، لا أعرف إذا كان المقهى هادئاً أم هدأ كل شيء بدخوله إلى هنا، أنا مدركة أنني الآن لا أرى شخصاً آخر سواه، عادت بي الذاكرة إلى أسابيع قد مضت.

في ذلك اليوم كنت أنتظر إليشيا و جي-سان وأنا أجلس بالقرب من نافورة الجامعة، كانت أشجار الخريف الملونة مريحة جداً فلم أرغب بأن أنتظرهما في مكان مغلق، هنا الهواء عليل، والمنظر أمامي كأنه صورة مرسومة لنافورة مياه، وأشجار ملونة وطلاب.

كنت مشغولة بالانتهاء من اللمسات الأخيرة على البحث الذي يجب أن أسلمه اليوم حينما بَدَأتُ بسماع صوت شخص يتحدث بجانبي ولكن لم أرفع عيني عن شاشة "الابتوب"، بعد ثوانٍ معدودة ... أيقنت بأن الحديث كان موجاً إليّ أنا، فنظرت بطرف عيني فقط دون أن أرفع رأسي لشاب أمريكي، كان يتحدث عن حجابي وسبب وجودي هنا ولماذا لا أعود لبلادي، وهكذا. 

لم أعتد على أن يتحدث معي أحد بهذا الأسلوب، يبدو أنه لم يكن في وعيه! .. لذلك أكملت الطباعة ولكن بتوتر أكثر، فلم يكن هناك أحد معي، وراودتني أفكار عديدة شتتني عن بحثي، زاد معدل خفقان قلبي، ورغم برودة الجو إلا أنني أحسست بحبات العرق تنزل على رقبتي من شدة التوتر وللأسف "الخوف". 

تظاهرت بأنني لا أعيره أي اهتمام، وكل ما فعلته هو الضغط على (حفظ) وأغلقت الابتوب. وعندما أخذت حقيبتي وهممت بالرحيل من هذا المكان، بدأ صوته يرتفع أكثر فأكثر، أخبرته بأن يبتعد عني وأن لا يتحدث معي، حاولت أن أخبره أنني طالبة هنا، ولكنه استمر بالصراخ حتى لفت نظر الطلبة. عضضت على شفتي وأنا أشعر برهبه ولا أعرف ما الذي عليّ فعله. وعندما بدأ بالاقتراب مني، ابتعدت أنا عنه! .. فما كان منه إلا أن حاول أن يلمس حجابي.

عندها فقط جاء أحدهم ليقف بيني وبينه ويدفعه عني بعيداً، ارتفعت اصواتهما ولم أكن أعي ما يحدث حولي بالضبط، حتى جاء هذا الشخص وهو يتحدث إلي بلغة انجليزية أنيقة (لا تخافي، إنه ثمل!) ...أطرقت رأسي بخجل وألم، وأكمل (لا بأس، لقد ذهب الآن) ... عندها وصلت إليشيا ووقفت بجانبي دون أن تتحدث .. شَكَرْتُه بلغة إنجليزية أيضاً، وأخبرته أنني كنت انتظر صديقاتي، عندما بدأ هذا الغريب بالصراخ عليّ دون سبب.

ضحك هو، وأخبرني مرة أخرى بلغة ساخرة (إنه ثمل حد الثمالة! ماذا تنتظرين منه!)، رفعت رأسي على صوت ضحكته والتقت عيني بعينه شعرت لوهله أن الزمن قد توقف هنا! فالتَفَتُ بعيداً بتوتر وأنا أوجه الحديث لإليشيا (ضايقني أحدهم وساعدني هذا الشاب) .. ابتسمت إليشيا ابتسامتها الجميلة ونظرت إليه (شكراً لك، يبدو أنك المنقذ! ليلى لا تحسن التصرف في هذه المواقف)!! 

تباً لكِ يا إليشيا!! لماذا ذكرتي اسمي امامه! .. نظرت إليها نظرة تهديد! فضحك هو وسأل: (من أين أنتم؟) .. ضمت إليشيا كفيها إلى بعضهما البعض كما تفعل حين تصلي وقالت (نماستي! .. أنا من الهند .. أما صديقتي ... ) هنا وكزتها بكوعي حتى لا تكمل!، وأخبرته أنني (مسلمة!) .. ابتسم هو ابتسامة أعتقد أنه ظن أنني لم أفهم سؤاله، أو فهم مقصدي بأنني لا أحب أن أتحدث أكثر، حينها رأينا جي-سان من بعيد، فشكرته مرة أخرى وسحبت إليشيا من يدها لأجبرها على الذهاب معي إلى جي-سان، فقد أتت في الوقت المناسب.

ظلت إليشيا تسألني عن أدق التفاصيل عدة أيام، وأخبرتها مراراً وتكراراً بالقصة وأنني لم أره جيداً ليعجبني أم لا. كانت إليشيا غاضبة لأننا لم نسأله عن اسمه أو من أي بلد يكون! .. وكانت تحيك وتنسج قصص خيالية قائلة (قيس وليلى في نيويورك) .. إليشيا لم تكن لتهدأ حتى استطاعت أن تعرف بعض المعلومات عنه! .. هو من نفس بلدي! .. مبتعث في كلية العلوم السياسية، يكبرنا في العمر ولكنه الأقرب لعمري أنا! ..  بعد هذه الحادثة لم نره إلا مرة واحدة في مكتبة الجامعة، كنت أقف بعيداً عندما قامت إليشيا بالقاء التحية عليه وتبادلت معه الحديث! .. 

(هيا يا ليلى!!! .. انك لم تمضغي الطعام الذي في فمك ولم تنتهي من القهوة التي أمامك!! إن الحافلة على وشك الوصول!) .. هكذا استيقظت على صوت جي-سان الرقيق، واغمضت عيني سريعا ثم نظرت إلى إليشيا التي يبدو لي أنها كانت تنظر إلي وتضحك في الفترة التي غبت عنهما "فكريا"، عندها نظرت إلي إليشيا وغمزت بغمزة خبيثة وهي تقول: (منذ أن دخل أحمد إلى هنا وأنتي في عالم آخر، لقت التقطت لكِ صورة للذكرى) .. هنا شعرت بإحراج شديد!! شعرت بالدم يفور في وجنتيّ (يالكِ من سخيفة يا إليشيا!!)، (أجابت وهي تضحك، على العموم هيا بنا وصلت الحافلة).

قمت بتفقد وجهي من خلال مرآتي الصغيرة، ثم تفقد ملابسي ومظهري، ولم تستطع إليشيا أن تتركني في حالي! .. (إنك جميلة لا حاجة لكل هذا!!) .. تباً لك يا إليشيااااا!! نظرت إليها بتذمر وأنا أتحرك بتوتر وكأنني لم أرى "أحمد" الذي اختار طاولة بقرب الباب، لا أعرف إن كنت أتظاهر بعدم الاهتمام بسبب وجود إليشيا أم إنكاراً بأنني سعيدة لوجوده!

 كان يعطينا ظهره لذلك لم يرانا! . وعندما اقتربنا من الباب، التفت أحمد وابتسم ثم هم واقفاً (ليلى؟ إليشيا!! ماذا تفعلون هنا!!) .... أجابته إليشيا بسرعة (مرحبا أحمد!! يال هذه الصدفة الجميلة!! هذا مقهانا المفضل نجتمع دائما هنا) .. نظر إلي أحمد وهو ينتظر رداً مني، فما كان مني إلا أن أومأت رأسي أحييه بابتسامة. أما جي سان فقد كانت تقف أمام الحافلة وهي تنادينا بغضب (أسرعوا!!) ... اعتذرنا من أحمد ودفعت إليشيا للتحرك قبل أن أعطي أحمد أو إليشيا أي فرصة للتحدث،،،!! 

وهكذا ركبنا الحافلة وجلست إليشيا بجانبي لسبب أعرفه جيداً!! ستبدأ الآن جلسة التحقيق وتحليل الشخصية والأفلام الهندية لقصة (ليلى-مجنون) كما كانت تسميها!!!