عندما قررت الذهاب إلى مكتبة المجرودي مرة أخرى، كان السبب الوحيد أنني أشعر بنوع من الضيق، وأعرف أن التجول بين رفوف الكتب الكثيرة واستنشاق رائحتها سيجعلني نوعا ما أشعر بالراحة، قليل هم من يشاركوني حب القراءة، ولكن كما تقول والدتي فقد أخذت هذا الطبع من والدي، فأنا أذكر جيدا عندما كان يعود من السفر محملا معه العديد من الكتب والمجلدات والموسوعات، فاعدت من صغري أن أغلق على نفسي الباب في المجلس حيث توجد مكتبة والدي وأبدأ بقراءة الكتب العجيبة التي يحضرها. كانت الكتب من دول عربية عديدة كبلاد الشام ومصر واليمن وعمان والسعودية ودول أخرى.
أتذكر جيداً حينما كنت أعود من المدرسة في المرحلة الابتدائية وأغلق باب المجلس وجميع الأضواء الكهربائية وأنير الغرفة بنور الشمس الذي يسطع من الغرب في وقت العصيرة، فكم أحب انعكاس ظل شباك النافذة على الكتب، وكم أحب القراءة على أشعة الشمس الخافتة. كيف كنت أقرء؟ كنت أفتح المجلد رقم (٢١) حيث يكون فهرسا لجميع المواضيع في جميع الكتب الأخرى، فأختار مالذي أود قراءته؟ شخصيات تاريخية؟ شخصيات اسلامية؟ فلك؟ زراعة؟ جغرافيا؟ تاريخ؟ ،،، إلخ تعرفت على الكثير من المعلومات في سن صغيرة، كالزلازل والبراكين والحركات الأرضية والثقب الأسود والأجرام السماوية وكيفية زراعة الحدائق وعمل بحيرات صغيرة كما تعرفت على الدينصورات والخنساء ومجنون ليلى وعنتر ابن شداد وكما مررت على أجزاء قصص ألف ليله وليله الأصلية بأوراقها البنية الباهته ورائحتها القديمة والكثير الكثير! لم يتجاوز عمري العاشرة عندما كنت التهم الكتب هذه بمختلف أنواعها.
لم أكن أشارك أقراني بهذه الهواية وحب الكتب هذا، حتى اخوتي لم يكن فيهم من يفهم حبي للقراءة، فكل في حياته منشغل، لذلك كانت المجلس المغلق هو ملاذي من الجميع، وهكذا بدأت قصتي بعشق الكتب ورائحتها. كنت أشعر بالغيرة عندما أرى والدي يقرء كتبا قبل أن يخلد إلى النوم، فهو فالحقيقة مثلي الأعلى، وعليه أردت أن أكون مثله! فأنا أحب أن أقلد والدي! حتى أخذت كثيراً من طباعه.
عندما بدأت بالتعرف على عالم الانترنت والمنتديات، قلت قراءتي للكتب كثيرا جداً، فأصبحت أعتمد على ما أحصل عليه من كتبي الدراسية في الثانوية والجامعة والمواقع. وعندما بدأت باستخدام قوقل أصبحت أعتمد على ما يمر علي من كلمات جديدة فكل ما أفعله هو النسخ واللصق في قوقل! وهذا قل مستوى المعلومات لدي بشكل كبير جدا!، فسابقا كنت افتح الفهرس وأتعرف على اشياء جديدة لم آسمع بها من قبل، أما الآن يجب أن أسمع بالشيء حتى أبحث عنه! على العموم بكل صراحة عندما اشتركت في منتدى (إصدار الإمارات) كان هناك قسم خاص بحديث الكتب ، فكل من يقرء كتاب يكتب عنه، سنوات هي عشتها مع أهل إصدار، بصراحة أعادت لي حب الكتب وشغفها، حتى أنني أشعر بالراحة لأنني عدت كما كنت، كما أنني بدأت مشاركة الكتب مع عدة صديقات منهن، فأصبحت قراءة الكتب أكثر متعة، فكل الشكر لكل من ساعدني لأعود لما أحب. في الحقيقة لم أصل لمرحة (دودة الكتب) ولكن كم أود أن أكون كذلك! فقراءه الكتب ممتعة أكثر من قراءة معلومات لا أدلة لها في ويكبيديا.
حالياً أقرء كتاب: سرد الذات، للشيخ سلطان بن محمد القاسمي، قريبا سأكتب لكم رأيي عن الكتاب وملخص بسيط عنه
6 comments:
جميل ان اجد من يشاركني
في عشقي للقراءه :)
السلام عليكم..
أتمنى لكِ كل المتعه والفائده فيما تقرأين
..
قراءه ممتعه
لكتاب سرد الذات
في حفظ الله
تشبهيني في هذه الناحية
فبيتني يخلو من محبي الكتب :) حتى ابي وامي لا يحبذون قراءة الكتب بعكسي تماما
اجمل مكان واجمل نزهة لي في ربوع المكتبة :)
يعطيج العافية
تحية طيبة
سعدت بالتعرف على تلك المدونة الجميلة والمتنوعة...
دمتي بخير...
http://freebook.maktoobblog.com/
كم أعشق كلمة إقرأ و ملاحقتها، فقد إستمتعت كثيرا بمقالك، و إستشعرت كثيرا حبك للقراءة
شكرا لك على تحميسنا للقراءة
بيننا عوامل مشتركة ..
فكثيرا ماكنت استعير احدى الكتب من مكتبة والدي لأقرأءه .. واستمتع بقرائته
وحين كبرت اصبحت املك مكتبتي الخاصة الصغيرة في غرفتي التي كساها الغبار الان ..
توقفت عن عشقي للكتب واستبدلتها بالكتب الالكترونية .. التي احملها على جهاز الاي باد الشخصي ..
ولكن .. مازالت رائحة الكتب وملمس الاوراق يحمل احساسا رائعا .. لايغني عنه الكتب الالكترونية ..
Post a Comment