Saturday, December 15, 2012

مقهى السعادة ،،،، (٣)


فتحت باب شقتي الصغيرة، علقت وشاحي، ومعطفي، ووضعت حذائي بجانب المعطف، ثم اتجهت إلى الدرج اصعد بكل كسل وأنا أجر أقدامي جراً على عكس نشاط الصباح الذي كنت أركض فيه، دعوني أصف لكم شقتي الدافئة التي استأجرها لي والدي بعد أن تأكد أن هذا الحي من الأحياء الآمنة، وتأكد من وجود نظام انذار فعال في المبنى ككل (أليس كل والد هكذا؟).

عندما أفتح باب الشقة أجد على اليمين علاقة ملابس وبعض الأدراج المفتوحة، وعلى بعد مترين، أصعد إثني عشر درجة تأخذني إلى صالة صُبَِغت بلون عاجي، وجدار واحد قرميدي قد عَلَقت عليه تلفازي وثَبَتُ عليه عدة رفوف بيضاء للكتب والتحف، تحتوي شقتي على كنبة كبيرة وكرسيين صغيرين، وسجادة فرو كبيرة، في هذه الصالة نافذتين متجاورتين، بستائر قطنية بلون القرميد، وحواشي من الدانتيل العاجي، وأمام احدى النوافذ طاولة صغيرة للدراسة، على اليسار غرفتي وهي بمساحة مناسبة، ثم مطبخ صغير جداً وغرفة أخرى صغيرة أستخدمها للتخزين، أو بالأصح تكديس أغراضي عندما لا أجد وقتاً للتنظيف! .. 

عندما صعدت إلى الأعلى استلقيت بكل كسل على كنبتي ومازالت حقيبتي على كتفي، أشعر دائما أني أكاد أتلاشى في نعومة هذه الكنبة، فغالباً أغط في سبات عميق عندما أشاهد التلفاز، أو آخذ قيلولتي هنا، على هذه الكنبة. أغمضت عَينَيّ قليلاً وأنا أفكر في جدتي، فعندما عدت من الجامعة كان المقهى يضج بالزبائن، وكانت "إيمي" مشغولة جداً بتلقي الطلبات، و"جاك" يعد الأطباق الخفيفة، أما جدتي فكانت تجلس في مكاني المفضل مع أحد أصدقائها تتبادل أطراف الحديث تارة، وتوجه إيمي إلى الزبائن تارة أخرى.

اقتربت منها والقيت التحية عليهم، ثم اقتربت من جدتي لاحتضنها برفق وأنا أجلس بجانبها "جدتي، تأخرت اليوم في الجامعة لتغيير اللوح الخاص بي، ووضعت الكوبونات أيضاً! .."، خاطبني صديق جدتي: "أخبرتني ماري عن الكوبونات، لماذا لا تقدمون كوبونات هدايا للبيع؟" ... "سيدي، انه مقهى السيدة ماري، وأنا أرى أنها فكرة ممتازة، ولكن فالنهاية هو قرارها" ... ثم التفت كلانا إلى جدتي التي ابتسمت كعادتها بهدوء وكأنها تقول: سأفكر، ثم تجاذبنا أطراف الحديث واستأذنتهم بالرحيل،،

ربما كان هذا الحوار بسيط جداً، ولكن لماذا يصعب علينا أن نتخذ مثل هذه القرارات في بلادي؟، لماذا الحوار "هناك" صعب؟ ويظن الناس ببعضهم ظن السوء؟ رغم أن أساس الظن في الإسلام هو الظن الحسن؟ .. هززت رأسي بكسل لأبعد هذه الأفكار وانا أحرر شعري من حجابي ومن ربطة شعري، وتذكرت أن والدتي تنتظرني،،،

"أمي، سأنتظرك على الاسكايب"، ارسلت لها رسالة نصية بعد أن دخلت برنامج الاسكايب وذهبت لتبديل ملابسي وتأدية الصلاة، بعد ذلك حضرت شطيرة من الجبن وكوبا من عصير البرتقال وجلست امام الحاسوب انتظر والدتي حتى تخبرني عن تفاصيل يومها.

انتهيت من وجبتي ولم تدخل والدتي، فأرست لها رسالة نصية أخرى "أمي، أين أنتي؟" ... وقررت أن أنتهي من بعض الواجبات ومشاريع الجامعة التي لا تنتهي، فيجب أن أحضر مقالاً عن ايجابيات وسلبيات الثورة الصناعية وما أضافته للعالم بحيث أختصر هذا كله في ٤ فقرات فقط! .. تباً لهذا البروفيسور، فهو لا يحب أن يناقشه أحد، فعندما يناقشه أحد يتعمد أن يحرجه، ولذلك كلما كان لدي استفسار أسأله بأدب وصوت منخفض خوفاً من أن يحرجني أمام الطلبة كما يفعل بالآخرين.

قطع افكاري صوت مكالمة الفيديو وقد كتب على شاشتي (Salma Hamed)، قبلت محادثة الفيديو وأنا أنظر لوجه والدتي الذي رسمت عليه ابتسامة عندما ظهرت صورتي على شاشتها!، (الدكتورة، سلمى حامد! ... لقد تأخرتي كثيراً)، ضحكت والدتي وأخبرتني أنها تأخرت بسبب اجتماع مجلس الإدارة، وقد عادت للتو إلى مكتبها الذي تحدثني منه أغلب الأحيان في وقت راحتها.

أخبرت والدتي بعدم رغبتي بالعودة في إجازة (الكريسمس)، كانت والدتي متفهمة رغم وجهها الذي كان يعبر عن حزنها لسماع هذا الخبر، ولكنها وعدتني بأن تتحدث إلى الدي وتقنعه بأن أقضي الإجازة في نيويورك!، هي تعرف تماماً أنني أشتاق لهم بشدة، ولكني أفضل الابتعاد عن الجميع حتى إشعار آخر. 

أنهيت مكالمتي مع والدتي وأنا أطبع قبلة الكترونية على الكاميرا وأخبرها بأنني أحبها بشدة ووعد آخر ككل ليلة أنني سأحدثها غداً، ثم عدت لاستكمال واجباتي قبل أن أتجه إلى سريري،،،،، 

2 comments:

السيارات said...

تسلم الايادي

Anonymous said...

حبيت القصه,, ماشاءالله عليج اسلوبج حلو فالكتابه

اتريا الباقي