خلال دراستي الجامعية، وفي بداية دراستي في كلية إدارة الأعمال، كانت اللغة الإنجليزية التي أعرفها هي لغة المحادثات والأخبار! فقد اعتدت على متابعة الأخبار باللغة الانجليزية وترجمتها، كما كنت أقرأ القصص باللغة الانجليزية وأترجم كل الكلمات الجديدة، وهكذا حتى أصبحت أتحرك بمدونة صغيرة تحمل كلمات باللغة الإنجليزية والفرنسية والأسبانية واليابانية! ..
عندما بدأت بدراسة مساقات من التخصص، كنت أجد صعوبة بالغة في تذكر المفردات الخاصة بالرياضيات! ولذلك اكتفيت بالبقاء في كلية إدارة الأعمال وإلغاء طلب الانتقال لكلية الهندسة (يعني هذا الرياضيات السهل! ارحم من الكالكولاس في كلية الهندسة). وهكذا أصبحت أترجم الكلمات التي أجدها جديدة، وأحاول جاهدة المشاركة في قراءة أي قطعة باللغة الإنجليزية رغم ركاكة القراءة!
يجب أن أخبركم أنني دخلت الجامعة بمستوى لغة إنجليزية عالي حيث استطعت دخول امتحان "تحد" يمكنني من الدخول إلى عالم التخصص دون دراسة اللغة الانجليزية، وكل الفضل يعود لمدونتي المنتنقلة معي! ولكن ما حدث أن الامتحان كان عن "طريقة عمل الدماغ" وفي ذلك الوقت لم يكن هذا الامتحان سهلاً بالنسبة لي! ولذلك درست مساق لغة انجليزية واحد هو (اللغة الانجليزية - المرحلة الثالثة) وهي الأعلى.
كل ذلك لم يشفع لي عندما درست مساق مع الدكتور عصام (بروفيسور المحاسبة في كلية الإدارة والاقتصاد - جامعة الإمارات). دكتور عصام من الدكاترة الذين يمتازون بذكاء حاد جداً! ولم يكن سهلاً على أي طالب اجتياز امتحاناته ولا أسئلته الفصلية بامتياز! .. كان جاداً جدا جداً خلال المحاضرة الدراسية مما كان يجعلنا نشعر بالخوف الشديد عندما نجيب عن أي سؤال! حيث لم يتوانا الدكتور من طرد أي طالبة "تستهبل" أو "تضحك" أو "تتحدث" خلال المحاضرة شر طردة! "GET OUT OF THE CLASS! NOOOOW! OOOOUT!"
ذات يوم كتب الدكتور عصام مسألة على "الوايت بورد" وطلب منا حلها، فضجت القاعة بأصوات الفتيات وكل واحدة تجيب إجابة خاطئة "كالعادة"، وهنا تقمصت أنا دور "السوبروومن" وأصريت على الدكتور السماح لي بحل المسألة رغم أنه أكد على الجميع بالتزام الهدوء "Enough! I will slove it". لم تسمح لي أخلاقي الدراسية بالهدوء "بليز دكتور! والله والله! بلييز! مييي"، وهنا ابتسم د.عصام وقال "ok ***.Family! Go A head" -لم يكن يناديني سوى باسم عائلتي-، وكان الحل كالتالي:
- دكتور، فيرس وي بوت فور فوق (ثم أأشر بيدي كأنني أرسم خط مستقيم) ذن نقسم النمبر على تن، ذن وي مممم وي مممم دكتور شو يعني ضرب؟
- مالتبلاي
- ذن وي مالتبلااااي ذا نبمر وذ مممممم تن
لم أكن استطيع حفظ الكلمات الخاصة بالضرب والطرح والجمع والتقسيم! فكنت أأشر له بيدي (بوت ذس هير = أقصد الرقم في المقام) (بوت ذس أب = أقصد الرقم الذي في البسط) (نضرب الرقم = مالتبلاي) وهكذا! ...
رغم أصرار الفتيات أن إجابتي خاطئة! وأصراري بتجاهل تعليقاتهم بأن الضرب هنا لا يجوز، لم أكن أرى وقتها سوى السبورة البيضاء والمعادلة التي كتبت بقلم أخضر، وابتسامة الدكتور وهو يستمع ويرى محاولتي الركيكة في حل المعادلة.
"دكتووور لكن حلها غلط!" ... التفت الدكتور عصام للفتيات ثم قال لهن بلغة عربية "آناااا عاااارف هيا عاوزة إيه! ..... محدش يتكلم .... سيبووووهااااا تكمل".
لم يكن يتحدث الدكتور عصام بلغة عربية خلال المحاضرة أبداً أبداً! كان يكتفي الدكتور عصام بالتحدث بلغة إنجليزية حتى انتهاء المحاضرة ثم يتحدث معنا بشخصية أخرى تماماً بعد انتهاء المحاضرة! فهو يمزح ويضحك معنا ويتحدث بلكنة مصرية أحبها كثيراً!
لم يعرف الدكتور عصام وقتها، أن "سيبوها تكمل" كانت الكلمة السحرية التي أثرت فيني ومازالت حتى بعد ما يقارب ال٨ سنوات! .. "سيبوها تكمل" كانت جرعة من الثقة أنني أمام دكتور يعرف بجديته وعدم تضيع الوقت وعدم تقبله المزح والنكات خلال المحاضرة لم يمانع أن يترك لي المجال للمحاولة! حتى وإن كانت محاولتي خاطئة! ... وللعلم! كان حلي منذ أول حرف "خطأ"! ومع ذلك ترك لي الدكتور المجال للمحاولة حتى اكتفيت!! دون تذمر ودون أن يحرجني.
لازلت أضحك على نفسي كلما تذكرت كيف كانت لغتي الانجليزية الخاصة في الأعمال والمحاسبة ضعيفة، وكيف كنت أأشر بيدي للدكتور حتى يستطيع فهم ما أحاول قوله! ...
تذكرت الدكتور عصام اليوم، عندما سألني مديري في العمل لماذا الكتابة باللغة الإنجليزية لدي أسهل من العربية؟ فأخبرته أن اللغة العربية المستخدمة في مجال العمل صعبة بالنسبة إلىّ مقارنة باللغة العربية التي استخدمها لكتابة مقالات! وهو كذلك أيضا بالنسبة للغة الإنجليزية! حيث أن هناك مفردات خاصة بالاعمال والمحاسبة وتقنية المعلومات والنحو والمحادثة اليومية وهكذا! ....
دمتم بود، وجزا الله الدكتور عصام عنا كل خير،،،،